نبض أرقام
18:49
توقيت مكة المكرمة

2024/05/15

أرامكو السعودية: موارد الزيت في العالم تكفي ل 140 سنة قادمة، وليس بالإمكان حل مشاكل الغد بحلول الأمس

2006/09/14 الرياض

  قال رئيس أرامكو السعودية وكبير إدارييها التنفيذيين، عبد الله بن صالح بن جمعة، وسط حالة غير مستقرة تسود أسواق البترول خلال السنوات القليلة الماضية نتيجة لعوامل متشعبة تتعلق بأمن الطاقة العالمي واحتمالات نضوب الحقول وارتفاع الأسعار،والتي تعد أكبر شركات انتاج البترول في العالم، وأن نجاح صناعة البترول يعتمد على استمرارها في العمل الجاد وبذل كل جهد لاستثمار وتنمية روح العبقرية وملكات الإبتكار الإنساني لدفع العلم والتقنية إلى آفاق جديدة واسعة.

وعبر الجمعة عن ثقته الكبيرة في قدرة الصناعة البترولية على العثور على احتياطيات زيت إضافية هائلة قابلة للاستخلاص تتراوح بين 3 و4 تريليونات برميل من خلال التطورات التقنية المتواصلة، قائلا «عندما يتعلق الأمر بالتقنية فينبغي ألا نكون قنوعين، حيث ليس بالإمكان حل مشاكل الغد بحلول الأمس».

فرق جمعة بين الأهداف المستحيلة وبين الأهداف القابلة للتنفيذ وإن كانت تنطوي على درجة عالية من التحدي، مشيرا إلى أن التغلب على المصاعب التقنية أمر ليس بجديد على صناعة الزيت وهي التي تعودت منذ بداياتها على العمل وسط ظروف صعبة ومعقدة. جاء ذلك خلال كلمة ألقاها في ندوة أوبك الدولية الثالثة التي انعقدت يومي 12 و13 سبتمبر 2006 في العاصمة النمساوية فيينا ضمن جلسة مناقشة حول التقنية ومستقبل إمدادات الطاقة.

وطرح جمعة أمام الحضور خمسة «أهداف تقنية» وصفها بالحيوية والضرورية، مشيرا إلى أن على صناعة الزيت التغلب عليها للوفاء بمسؤولياتها المستقبلية تجاه العالم حيال توفير امدادات مستقرة وكافية من الطاقة. وأول هذه الأهداف هو مواصلة العثور على حقول زيت جديدة. وفي هذا الصدد استثار عبدالله بن جمعة روح التحدي لدى أخصائيي التنقيب في الصناعة عندما طالبهم بأن يسعوا لإضافة تريليون برميل من الزيت إلى قاعدة الاحتياطيات العالمية على مدى ربع القرن المقبل. وأقر عبدالله جمعة بأن هذا الهدف يتسم بالطموح، إلا أنه قابل للتنفيذ، وأعرب عن ثقته في قدرة الصناعة على تحقيقه في ضوء التطورات الهائلة والمتسارعة التي تشهدها الكثير من تقنيات التنقيب، بما فيها القدرات الحسابية الجبارة لأجهزة الكمبيوتر العملاقة التي تساند العديد من أعمال التنقيب والإنتاج. وضرب عبدالله جمعة مثلا بمركز التنقيب وهندسة البترول العائد لأرامكو السعودية، وهو من أكثر المراكز التقنية تطورا حيث تبلغ الطاقة الحسابية لأجهزة الكمبيوتر فيه 34 تيرافلوب (تريليون عملية حسابية في الثانية)، أي بزيادة قدرها ثلاثمائة ضعف عما كان يتمتع به ذلك المركز قبل 7 سنوات.

وأضاف جمعة أن الهدف التقني الثاني يتمثل في زيادة نسبة معدلات استخلاص الزيت من الحقول الحالية، حيث إن معدلات الاستخلاص من الحقول القائمة تتراوح في حدود 30٪، فإذا استطاعت الإبتكارات التقنية على مدى السنوات الخمس والعشرين المقبلة رفع تلك النسبة بواقع 20٪ ، وهو أمر يعد ممكنًا، فإن ذلك سيؤدي إلى إضافة نحو تريليون برميل أخرى إلى قاعدة احتياطيات الزيت العالمية.

أما الهدف التقني الثالث، الذي يتمثل في خفض تكاليف التنقيب والإنتاج، فسيتمخض عن تحويل مناطق الإنتاج المحتملة التي لم تكن مجدية من الناحية الاقتصادية فيما سبق إلى فرص استثمارية مجدية. وفي هذا المجال أشار عبدالله بن جمعة إلى أن التنقيب والإنتاج في المياه العميقة جدا، ودرجات الحرارة بالغة الإنخفاض، إلى جانب تطبيقات الاستخلاص المحسن للزيت، كل ذلك أصبح مجديًا اليوم في ظل الأسعار الحالية، مما يزيد من احتمالات تحقيق إنجازات مستقبلية متميزة.

وذكر جمعة أن الهدف الرابع يتمثل في تطوير ما يعرف بموارد «الزيت غير التقليدي»، والتي يمكن تقسيمها إلى فئتين: تضم الأولى الزيت الثقيل جدًا ورمال القار والبيتومين والتي تمثل موارد بترولية هائلة تضم حسب التقديرات نحو 4,7 تريليونات برميل من الزيت، بينما تمثل الفئة الثانية الصخر الزيتي الذي يسمى السجيل، وهو مورد ينطوي على تحدٍ أكبر وفي الوقت نفسه يمثل فرصة ضخمة لإضافة ما يزيد على 2,5 تريليون برميل من الزيت.

أما الهدف التقني الخامس والأخير الذي ذكره عبدالله بن جمعة فهو مرتبط بجميع الأهداف التقنية الأربعة الأخرى، ويتمثل في تخفيف الآثار البيئية لأنشطة صناعة الزيت ومنتجاتها. وفي هذا وأشار جمعة إلى أن التقنية إذا لم تهتم بالجانب البيئي قدر اهتمامها بالتغلب على تحديات التنقيب والإنتاج، فربما لا تجد صناعة الزيت مواقع كثيرة مفتوحة أمامها للتنقيب فيها. وبعبارة أخرى، فإن المسح السيزمي المتطور ثلاثي الأبعاد والمحاكاة بالغة التفصيل للمكامن والآبار التي تحقق أقصى درجة من التماس مع المكمن، كل هذه الأمور لا تعني شيئًا إذا لم تتوفر لدينا القدرة على الوصول إلى الحقول لاستغلالها وتطويرها. وللتعبير عن التوجهات الجديدة، أشار عبدالله بن جمعة إلى ضرورة اضطلاع شركات البترول الوطنية بنصيب أكبر في ميدان البحوث والتطوير التقني أسوة بشركات البترول العالمية.

وقال جمعة أنه، في ضوء هذه الأهداف التقنية، يعتقد أن السنوات المقبلة ستشهد إضافة احتياطيات زيت تبلغ نحو 2 تريليون برميل من الحقول التي لم تكتشف بعد ومن زيادة معدلات الاستخلاص من الحقول الحالية، كما يمكن استخلاص 1,5 تريليون برميل أخرى من المصادر غير التقليدية باستخدام التقنيات الحالية، فإذا أضيف ذلك إلى الإحتياطيات الثابتة الحالية التي تبلغ نحو 1,2 تريليون برميل فإننا أمام 4,5 تريليونات برميل من هذه المصادر القابلة للإستخراج في نهاية المطاف.

 وأضاف عبدالله بن جمعة: «وهذا الرقم يوازي إمدادات أكثر من مائة وأربعين سنة بمعدل الاستهلاك الحالي».

من جهة اخرى أشار ماي ديلي، نائب الرئيس للتنقيب في شركة بي بي أن كلمة عبدالله بن جمعة كانت مثيرة ومحفزة للغاية، في حين أعرب كل من نظمي النصر، نائب الرئيس للخدمات الهندسية في أرامكو السعودية، والدكتور محمد القحطاني، مدير وصف ومحاكاة المكامن في الشركة أن الكلمة تميزت بتضمنها أجندة عملية طموحة ينبغي العمل على تفعيلها لخير البشرية.

الجدير بالذكر أن ندوة أوبك التي يجري عقدها مرة كل عامين، ضمت ست جلسات ركزت الجلسة الأولى على الصورة الكبرى والتي تشمل أوضاع الإقتصاد العالمي وتوقعات نموه، وأساسيات العرض والطلب على البترول في المستقبل البعيد، بينما ركزت الجلسة الثانية على مجال التنقيب والإنتاج، والجلسة الثالثة على مجال التكرير والنقل والتوزيع.

وبالنسبة للجلسة الرابعة فقد ركزت على الآفاق التقنية لصناعة البترول أما الجلسة الخامسة فقد تناولت البترول والتنمية المستدامة بينما ضمت الجلسة الأخيرة نقاشا عن دور منظمة أوبك في الحقبة الجديدة القادمة.

وقد أشار الدكتور ماجد المنيف، محافظ المملكة لدى منظمة أوبك أن هذه الندوة التي تنعقد مرة كل سنتين تتميز بأنها ربما تكون الندوة الوحيدة التي يحضوها عدد كبير يقدر بأكثر من 600 مشارك يمثلون أرفع مستويات القطاعات المتنوعة المؤثرة في الصناعة مثل وزراء البترول من أوبك وخارجها، ورؤساء الشركات الوطنية والعالمية ومخططي سياسات الطاقة وكبار مراكز الأبحاث والإستشارات ومحللي الأسواق والإعلاميين.

يشار ان وزير البترول والثروة المعدنية علي بن ابراهيم النعيمي قد تحدث يوم أمس في الندوة عن الخيارات الإستراتيجية التي يواجهها المنتجون في تحديد استثماراتهم البترولية. وقد قدم في كلمته معلومات مفصلة عن برنامج الإستثمار الطموح الذي تضطلع به المملكة للمحافظة على المكانة القيادية التي تتميز بها صناعة البترول السعودية خلال الخمس سنوات القادمة.

 

الأكثر قراءة